۞ شكر اللهُ سعيَكم

بقلم: أحمد عبد الرحيم


بعد أخذٍ ورَدّ، وموافقةٍ ورفض، قرَّرتُ أنا المواطن المصري الذي ثار ليُحَرِّر ويتحَرَّر، وانتفض ليُغيِّر ويتغَيَّر؛ قرَّرتُ وحسمتُ أمري أن أبعث لوزارة الدكتور عصام شرف وللمجلس العسكري بهذه البرقية العاجلة:
(شكر الله سعيكم..)
نعم لقد قمنا بثورة تغييرٍ وإصلاحٍ وحرية، وبُحَّ صوتنا بالصراخ طلبًا للعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وقبل ذلك إسقاط النظام.
ما هذا الذي نراه؟ ما هذا الذي تنحدر إليه الأوضاع؟
إخلاء سبيل .. دعوة للاعتذار.. حوار وطني يُدعى له رموزٌ من الحزب الوطني البائد.. تحذير من تدهور الأحوال الاقتصادية في البلاد.. ترهيب وتخويف من أننا على شفا ثورة جياع.. مؤسسات الدولة ما زال يديرها ويرأسها الفاسدون والخونة واللصوص.
لن تُبنى مصر إلاَّ بعد أن تتطهَّر ممَّن دنَّسوها وهتكوا عرضها الطاهر، لن تعود مصر إلينا مصر التي نريد إلاَّ بعد أن يرحل هؤلاء، لن يخدعنا أحدٌ بمحاكمةٍ لمبارك وأسرته أو وزرائه الذين لا يزيد عددهم على أصابع اليد الواحدة. إنَّ الحزب الوطني البائد كان ينتمي له كما زعموا أكثر من مليوني مواطن، و رجال أعماله الذين نهبونا ثرواتنا وسرقوا أموالنا وزوَّروا انتخاباتنا يزيد عددهم على الآلاف، أين هؤلاء؟؟؟
ليسقط كلُّ رموز الحزب الوطني، وكلُّ مَن كانوا ينتمون إليه، وينافقون ويطبِّلون ويُصفِّقون له، ليُحاكموا جميعًا على دم الشهداء الذي أُهدر، ليُحاكموا محاكمةَ المجرمين على ما أوصلوا إليه مصر، لا ليُدعوا إلى الحوار الوطني.
 إنَّ الروح الثورية التي انتفضت فينا يوم 25 يناير، والوجوه التي تخضَّبت بالدماء في تلك الثورة، لن تقبل بهذه الوجوه المقيتة والبغيضة والكريهة والمكروهة من الشعب والملعونة من التاريخ، ولن نسامح مَن  أتى بها ودعاها للحوار.
قلنا نعم لسيادة القانون وتطبيق العدالة، ولكن.. أن تتغافل عيون العدالة عن رؤية الحقوق، وأن تُصم آذانها عن سماع المطالب المشروعة، فما هذه بثورة، وما نحن برجالاتها إن سمحنا لكم أن تفعلوا هذا !
 لتتوقف الآن تلك المحاكمات الهزلية حول الكسب غير المشروع، ولا نريد سوى محاكمة هؤلاء المسؤولين الفاسدين المزورين  على ما أوصلوا إليه البلاد أولاً، ثم على تسببهم بصورةٍ أو بأخرى في إزهاق أرواح الشهداء، وهذا يكفينا.
نحن المصريين لا يهمنا أن نعرف أو لا نعرف أن هؤلاء مدانون بجرائم كسب غير مشروع، أو سرقة أموال، إنَّ جريمتهم الكبرى عندنا هي جريمة إفساد مصر، نعم إفساد مصر على مدى عقودٍ طويلة، ألا يوجد في القانون ما يجرِّم هذا الفعل؟ فإن كان لا يوجد نضع لكم نحن قانونًا لهذه الجريمة التي تفوق كلَّ جرائم السرقة التي تحاسبونهم عليها.
أيها المجلس العسكري الموقَّر.. أيتها الحكومة المبجَّلة.. أيها السياسيون.. أيها العجائز.. يبدو أنه مضى زمنكم، وبطلت حكمتكم، ويبدو أيضًا أنَّ مصر القادمة لن تقوم بأيديكم، ولا بحواركم ووفاقكم الوطني، أو بالأحرى خيبتكم الوطنية، امضوا من حيث أتيتم، وشكر الله سعيكم.

ليست هناك تعليقات: